لما بكى اسرافيل وجبريل وملك المووت وتوسلوا الي الله عند موتهم وما هي امنيتهم الاخيره

 كيف تموت الملائكة؟ أسرار مصير الملائكة يوم القيامة ودور ملك الموت 🕊️

ملك المووت

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الملائكة، تلك المخلوقات النورانية التي خلقها الله من نور لتكون في طاعته، تسبح بحمده وتنفذ أوامره دون عصيان، لكن هل فكرت يومًا في مصيرهم؟ كيف تموت الملائكة؟ ومن يقبض أرواحهم؟ وما هو دور ملك الموت في هذا المشهد العظيم؟ في هذا المقال، سنغوص في أعماق هذا الموضوع المليء بالعبر والدروس، مستندين إلى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، مع الإشارة إلى بعض الآثار التي تناولت هذا الأمر. هدفنا هو أن نفهم هذا الجانب من الغيبيات، ونستخلص منه دروسًا تذكرنا بعظمة الله وقدرته، وتحثنا على الاستعداد ليوم القيامة.


كيف تموت الملائكة؟ تفاصيل رحلة الموت في عالم الملائكة

الملائكة، وإن كانت مخلوقات نورانية لا تعصي الله أبدًا، فإنها ليست مستثناة من الموت، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ۖ وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ" (سورة الرحمن: 26-27). هذه الآية تؤكد أن كل شيء في الكون هالك إلا وجه الله الكريم. وعلى الرغم من أن الملائكة لا تموت كما يموت البشر في حياتهم الدنيوية، إلا أن موتهم يأتي في سياق أحداث يوم القيامة العظيمة.

وفقًا لما ورد في بعض الآثار، مثل ما نقله ابن الجوزي في كتابه "بستان الواعظين ورياض السامعين"، فإن موت الملائكة يبدأ بعد النفخة الأولى في الصور التي ينفخها الملك إسرافيل عليه السلام. هذه النفخة تُعرف باسم "نفخة الفزع"، حيث تستوي الأرض من شدة الزلزال، فيموت جميع أهل الأرض، ثم تموت ملائكة السبع سماوات، وملائكة الحجب والسرادقات، والصافون والمسبحون، وحملة العرش، وأهل سدرة المنتهى. يبقى بعد ذلك أربعة من الملائكة الكبار: جبريل، ميكائيل، إسرافيل، وملك الموت عليهم السلام.


من يقبض روح جبريل؟ وكيف يواجه الملائكة سكرات الموت؟

بعد النفخة الأولى، يبدأ مشهد مهيب يتعلق بموت الملائكة الكبار. يسأل الله -سبحانه وتعالى- ملك الموت: "من بقي؟"، وهو سؤال يعكس عظمة الله الذي يعلم كل شيء، لكن الغرض منه إظهار قدرته وسلطانه. يجيب ملك الموت بأنه بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل إلى جانبه هو نفسه. فيأمر الله ملك الموت بقبض روح جبريل أولًا.

يذهب ملك الموت إلى جبريل عليه السلام، فيجده ساجدًا راكعًا في طاعة الله، فيقول له: "ما أغفلك عما يراد بك! قد مات بنو آدم وأهل السماوات والأرض، وقد أمرني الله بقبض روحك." عندها يبكي جبريل ويتضرع إلى الله قائلًا: "يا الله، هون علي سكرات الموت." هذا المشهد يحمل عبرة عظيمة، فإذا كان جبريل -وهو ملك كريم لم يعصِ الله قط- يطلب تهوين سكرات الموت، فكيف بنا نحن البشر الذين نغفل عن ذكر الموت ونقصر في طاعة الله؟ يحضنه ملك الموت ضمة يقبض فيها روحه، فيسقط جبريل صريعًا.

نفس المشهد يتكرر مع ميكائيل، الملك الموكل بالمطر والنبات، ثم مع إسرافيل، الملك الموكل بالنفخ في الصور. كلاهما يتضرعان إلى الله ليهون عليهما سكرات الموت، مما يبرز أن الملائكة، رغم طهارتهم، يعانون من سكرات الموت كما يعاني البشر، وهو ما أشار إليه القرآن في قوله: "وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ" (سورة ق: 19).


كم عمر الملائكة؟ وهل يمكن أن تموت قبل يوم القيامة؟

الملائكة خلقها الله منذ بداية الخليقة، وهم لا يموتون في الدنيا كما يموت البشر، بل يظلون أحياء يعبدون الله وينفذون أوامره حتى يأتي أمر الله يوم القيامة. بعض المفسرين، مثل ابن حزم، ذهبوا إلى أن الملائكة لا تموت إلا بأمر الله في نهاية الزمان، وهذا هو الرأي الأرجح بناءً على النصوص الشرعية. عمر الملائكة، إذن، يمتد منذ خلقهم إلى أن يأمر الله بفنائهم، وهو عمر طويل جدًا لا يمكن للبشر تصوره، لأنهم خلقوا قبل آدم عليه السلام بزمن بعيد جدًا.




ما مصير الملائكة يوم القيامة؟ ومن يقبض روح ملك الموت؟

بعد موت جبريل وميكائيل وإسرافيل، يبقى ملك الموت وحده. يسأله الله: "من بقي؟"، فيجيب: "بقي عبدك الضعيف ملك الموت." فيأمر الله ملك الموت أن يموت، فيقول: "انطلق بين الجنة والنار ومت." فيصيح ملك الموت صيحة عظيمة، ثم يموت بأمر الله مباشرة دون أن يقبض روحه أحد، لأن الله هو الذي يتولى موته. هذا المشهد يعكس قدرة الله المطلقة، حيث يموت الجميع بأمره، حتى ملك الموت نفسه.

بعد ذلك، يطلع الله على الدنيا فيقول: "لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (سورة غافر: 16)، فلا يجيبه أحد، لأن جميع الخلائق قد ماتت، ويبقى الله وحده الذي لا يموت أبدًا.


هل شكل ملك الموت مخيف؟ وما هو اسمه الحقيقي؟

كثيرًا ما يتداول الناس تصورات عن شكل ملك الموت، ظنًا منهم أنه مخيف أو مرعب، لكن هذا التصور ليس صحيحًا ولا يستند إلى نصوص شرعية ثابتة. لم يرد في القرآن أو السنة وصف دقيق لشكل ملك الموت، وما يُقال عن كونه مرعبًا هو من الخرافات التي لا أصل لها. بالعكس، المؤمن حين يرى ملك الموت يستبشر خيرًا، كما ورد في بعض الأحاديث أن المؤمن يرى ملك الموت في صورة حسنة تبشره بالجنة.

أما عن اسم ملك الموت الحقيقي، فهو يُعرف بـ "عزرائيل" في بعض الآثار، لكن هذه التسمية لم تثبت في حديث صحيح، بل هي من الروايات الضعيفة التي لا تقوم بها حجة. الأصح أن نطلق عليه "ملك الموت" كما ورد في القرآن: "قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ" (سورة السجدة: 11).


كم عدد الملائكة التي تقبض الأرواح؟

ملك الموت ليس وحده المسؤول عن قبض الأرواح، بل له أعوان من الملائكة يساعدونه في هذه المهمة. ورد في القرآن الكريم: "وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ۖ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ" (سورة الأنعام: 61). كلمة "رسلنا" تشير إلى أن هناك ملائكة متعددين يعاونون ملك الموت، لكن العدد الدقيق لم يُحدد في النصوص الشرعية، وهو من علم الغيب الذي استأثر الله به.


الدرس المستفاد: تذكر الموت واستعد للقاء الله

موت الملائكة يحمل درسًا عظيمًا لنا كبشر، فإذا كانت الملائكة -وهي مخلوقات طاهرة لم تعصِ الله قط- تخشى سكرات الموت وتتضرع إلى الله ليهونها عليها، فكيف بنا نحن الذين نغفل عن ذكر الموت ونقصر في طاعة الله؟ هذا المشهد يذكرنا بأهمية الاستعداد للموت في كل لحظة، من خلال الإكثار من الطاعات، وذكر الله، وترك المعاصي. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا من ذكر هادم اللذات" (رواه الترمذي)، أي الموت، لأنه يقطعنا عن الدنيا ويذكرنا بالآخرة.

لنستعد للقاء الله بالعمل الصالح، ولنطلب منه أن يهون علينا سكرات الموت، وأن يرزقنا حسن الخاتمة، وأن يدخلنا الجنة بلا حساب ولا عذاب.


المصادر:


هل أعجبتك القصة؟ ❤️

اكتب رأيك في التعليقات، ولا تنسَ مشاركة القصة مع من تُحب، واشترك في قناتنا لمزيد من القصص 💬📢
🔔 اشترك الآن في القناة

💬 هل لديك رأي أو تعليق؟ شاركنا في التعليقات أدناه:

تعليقات

تعليقات