قصة عمر بن الخطاب والعدل الخالد: قصة الفاروق مع ابن عمرو بن العاص عند الأهرامات"

عمر بن الخطاب والعدل الخالد: قصة الفاروق 

قصة حياة عمر بن الخطاب من مولده الي يوم استشهد ومواقف اغرب من الخيال

عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الفاروق الذي فرّق الله به بين الحق والباطل، ليس فقط أحد أعظم الخلفاء في تاريخ الإسلام، بل رمزًا للعدل والشجاعة والتقوى. من بين قصصه المشهورة التي تبرز عدله وهيبته، قصة زيارة رجل من مصر إليه ليشكو ظلمًا تعرض له من ابن عمرو بن العاص، والي مصر آنذاك. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه القصة المؤثرة، مع تسليط الضوء على شخصية عمر رضي الله عنه، مناقبه، وكيف كان عدله يتجاوز الحدود ليصبح درسًا خالدًا للأجيال.


 بداية القصة: شكوى من أرض النيل

في إحدى الليالي، بينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتفقد أحوال المسلمين في المدينة المنورة، وصل إليه رجل من مصر يحمل شكوى عاجلة. كان الرجل متعبًا من السفر الطويل، لكنه لم يجد ملاذًا سوى أمير المؤمنين، الذي اشتهر بأن أذنه مفتوحة لكل مظلوم. جلس الرجل أمام عمر، وبدأ يروي قصته بصوت يملؤه الألم والرجاء.


قال الرجل: *"يا أمير المؤمنين، أتيتك من مصر بعد أن استعذت بمعاذ ولذت بملاذ، فأجلسني واستمع إليّ. أجرينا الخيل في مصر، وكان لي فرس ولابن عمرو بن العاص، واليك على مصر، فرس. فلما سبق فرسي فرسه، وشاهد الناس ذلك، نازعني محمد بن عمرو بن العاص على الفرس، ثم قام يضربني بالسوط وهو يقول: خذها يا ابن الأكرمين! فأبيت إلا أن آتيك بنفسي لتصفيني من هذا الظلم."*


 رد عمر: العدل يتكلم

استمع عمر رضي الله عنه إلى الرجل باهتمام بالغ، ولم يُظهر أي تهاون أو تردد. كان يعلم أن ابن عمرو بن العاص، وهو ابن واليه على مصر، قد تجاوز حدوده مستندًا إلى سلطة أبيه. فما كان من عمر إلا أن طلب الدرة (السوط)، وقال للرجل: *"دونك الدرة، فاضرب بها ابن الأكرمين!"*


وقف محمد بن عمرو بن العاص أمام الرجل، وأمامهما عمر، الذي كان بمثابة الحَكَم العادل. بدأ الرجل يضرب ابن عمرو بالسوط، وكلما ضرب قال عمر: *"اضرب ابن الأكرمين!"*، حتى استوفى الرجل حقه. ثم سأله عمر: *"هل استوفيت؟"*، فأجاب: *"نعم، استوفيت واشتوفيت."* لكن عمر لم يكتفِ، بل أضاف: *"اجعلها الآن على رأس عمرو!"*

 مواجهة عمرو بن العاص: كلمة الحق

لم يكن عمر راضيًا عن معاقبة الابن فقط، بل أراد أن يوجه رسالة واضحة إلى عمرو بن العاص، الوالي الذي سمح لابنه بالتجاوز بسبب سلطته. التفت عمر إلى عمرو وقال: *"والله ما ضربك ابنك إلا بفضل سلطانك يا أمير المؤمنين!"*، ثم أضاف كلمته الخالدة التي أصبحت شعارًا للعدل: *"يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟"*


بهذه الكلمات، أعاد عمر تعريف العدل، مؤكدًا أن لا أحد فوق القانون، سواء كان ابن والٍ أو واليًا نفسه. أنهى الرجل شكواه قائلاً: *"قد انتصفت لنفسي وضربت من ضربني، ولا حاجة لي بغير ذلك."*، ثم عاد إلى مصر راضيًا مطمئنًا.


من هو عمر بن الخطاب؟

عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو حفص، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة. ولد في مكة بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، وكان من أشد الرجال قوة وهيبة في الجاهلية. كان طويلًا ضخمًا، أصلع الرأس، كثيف اللحية، عريض الكتفين، جهوري الصوت، وفي عينيه حمرة ولحيته صفرة. اشتهر بشجاعته وفصاحته، حتى كان القرشيون يستشيرونه ويرسلونه سفيرًا لهم في مفاوضاتهم.


أسلم عمر رضي الله عنه في السنة السادسة للبعثة، بعد أن كان من أشد أعداء الإسلام. دعا النبي صلى الله عليه وسلم أن يعز الإسلام بأحد العمرين (عمر بن الخطاب أو أبو جهل)، فكان عمر هو المختار. أسلامه كان نصرًا عظيمًا للمسلمين، فقد قال عبد الله بن مسعود: *"ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر."*

قصة حياة عمر بن الخطاب من مولده الي يوم استشهد ومواقف اغرب من الخيال

 مناقب عمر: العدل والتقوى

كان عمر رضي الله عنه بحرًا من العلم والحكمة، مؤيدًا بالقرآن في عدة مواقف، مثل اقتراحه اتخاذ مقام إبراهيم مصلى، وفرض الحجاب على نساء النبي، وتحذيره لهن من الغيرة. قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: *"والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قط سالكًا فجًا إلا سلك فجًا غير فجك"* (رواه البخاري ومسلم)، مشيرًا إلى أن الشيطان كان يهابه ويبتعد عن طريقه.


اشتهر عمر بالعدل حتى أصبح اسمه مرادفًا له. كان زاهدًا في الدنيا، يلبس الخشن ويأكل البسيط، ويحمل هم المسلمين على كتفيه. في عام الرمادة، قاسى الجوع مع الناس، وحمل الطعام بنفسه ليطعم الفقراء، كما أعفى شيخًا يهوديًا من الجزية لكبر سنه وحاجته.


 سياق القصة: لماذا حدثت؟

وقعت هذه الحادثة في عهد خلافته (13-23 هـ)، عندما كان عمرو بن العاص واليًا على مصر بعد فتحها. كان عمرو من أعظم قادة الإسلام، لكنه لم يكن معصومًا من أخطاء أبنائه. محمد بن عمرو، مستندًا إلى سلطة أبيه، ظن أنه يستطيع التجاوز على رجل عادي في سباق خيل، لكن عمر أثبت أن العدل لا يعرف تمييزًا بين ابن الوالي وابن الفلاح.


كان السباق عادة شائعة بين العرب لاختبار قوة الخيل وشجاعة الفرسان، لكن ما حدث بعد السباق كشف عن غرور ابن الوالي. الرجل المصري، بدلاً من قبول الإهانة، اختار السفر إلى المدينة ليشتكي إلى عمر، وهو ما يعكس ثقة الناس في عدله.


 الدروس المستفادة

1. **العدل فوق الجميع**: 

عمر لم يتردد في معاقبة ابن الوالي وتوجيه اللوم لأبيه، مؤكدًا أن السلطة لا تُعطي الحق في الظلم.

2. **التواضع في القوة**: 

رغم هيبته وقوته، كان عمر يستمع للمظلوم ويأخذ حقه بيده.

3. **الحرية الفطرية**:

كلمته "متى استعبدتم الناس..." تؤكد أن الحرية حق أصيل لكل إنسان، لا يجوز انتهاكه.


 الخاتمة: عمر الفاروق في التاريخ

قصة عمر بن الخطاب مع ابن عمرو بن العاص ليست مجرد حادثة عابرة، بل شاهد على عدل جعل الإسلام ينتشر في ربوع الأرض. عمر، الذي فتح مصر والشام وفارس، لم يكن مجرد قائد عسكري، بل حاكمًا عادلًا وصحابيًا جليلًا ألهم الأجيال. استشهد رضي الله عنه سنة 23 هـ على يد أبي لؤلؤة المجوسي وهو يصلي بالمسلمين، تاركًا إرثًا من العدل والتقوى لا يزال يُروى حتى اليوم.


عمر بن الخطاب ليس مجرد اسم، بل رمز للحق والعدل، وهذه القصة تذكرنا بأن العدالة الحقيقية لا تعرف المحاباة، وأن الحق يبقى فوق الجميع.


بهذا نكون قد استعرضنا قصة عمر بن الخطاب مع الرجل المصري، مع تسليط الضوء على شخصيته العظيمة وعدله الخالد.


هل أعجبتك القصة؟ ❤️

اكتب رأيك في التعليقات، ولا تنسَ مشاركة القصة مع من تُحب، واشترك في قناتنا لمزيد من القصص 💬📢
🔔 اشترك الآن في القناة

💬 هل لديك رأي أو تعليق؟ شاركنا في التعليقات أدناه:

تعليقات

تعليقات