الوزير المصري الذي أضاء المسجد النبوي بالكهرباء


الوزير المصري الذي أضاء المسجد النبوي بالكهرباء

الوزير المصري الذي أضاء المسجد النبوي بالكهرباء
مقدمة: بصمة إنسانية تضيء التاريخ

في أروقة التاريخ الإسلامي، تبرز قصص الأفراد الذين تركوا بصماتهم من خلال أفعالهم النبيلة، ومن بينها قصة أحمد باشا حمزة، الوزير المصري الذي غيّر وجه المسجد النبوي الشريف في عام 1947. خلال زيارته لأداء فريضة الحج، لاحظ حالة الإضاءة البسيطة التي كان يعتمد عليها المسجد، مما دفعه لاتخاذ خطوة غير مسبوقة. يهدف هذا المقال إلى استعراض رحلته، قراراته الجريئة، وتأثير إنجازه الذي جعل المسجد يتلألأ بنور الكهرباء، ليبقى رمزًا للعطاء والتقدير للمقدسات، مع استكشاف الدروس التي يمكن أن نستلهمها من هذا العمل العظيم.

حياة أحمد باشا حمزة

وُلد أحمد باشا حمزة في مايو 1891 في قرية طحانوب بمركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية، في أسرة مصرية عرفت بالتدين والوطنية. تلقى تعليمًا متميزًا، ثم سافر إلى إنجلترا لدراسة الهندسة، حيث اكتسب مهارات ساعدته لاحقًا في تحقيق إنجازات بارزة. شغل منصب وزير التموين في حكومة مصطفى النحاس السادسة عام 1942، وكان معروفًا بأخلاقه العالية وتفانيه في خدمة وطنه. كما أسس أول مصنع عربي لإنتاج الزيوت العطرية، مما يعكس رؤيته الاقتصادية الثاقبة، لكنه اشتهر أكثر بمساهمته في إنارة المسجد النبوي، وهي قصة تجمع بين الإيمان والعمل.

حزن الوزير وتأثره

في عام 1947، قرر أحمد باشا حمزة أداء فريضة الحج برفقة مدير مكتبه الدكتور محمد علي شتا. بعد الانتهاء من المناسك، توجه إلى المدينة المنورة لزيارة المسجد النبوي الشريف وقبر الرسول ﷺ. لكنه شعر بخيبة أمل عميقة عندما وجد أن المسجد يعتمد على قناديل الزيت للإضاءة، مما جعل الأجواء خافتة وغير مريحة للزوار. كان هذا المشهد مؤثرًا له، إذ رأى أن مكانًا بهذه القدسية يستحق إضاءة تليق بمكانته. هذا التأثر لم يكن مجرد شعور عابر، بل تحول إلى دافع قوي لاتخاذ إجراء فوري.

العدة إلى الوطن وقرار التغيير

عند عودته إلى مصر، لم يتردد أحمد باشا في وضع خطة لتحسين حال المسجد. قرر الاستثمار من ماله الخاص لشراء محولات كهربائية، مصابيح حديثة، وأسلاك كهربائية لتغيير نظام الإضاءة القديم. لم يكن هذا القرار مدفوعًا بالمصلحة الشخصية، بل كان انعكاسًا لإحساسه العميق بالمسؤولية تجاه المقدسات الإسلامية. كلف مدير مكتبه بتنظيم المهمة، مما يظهر مدى جديته في تحويل فكرته إلى واقع ملموس، رغم التحديات اللوجستية التي واجهتها تلك الفترة.

التنفيذ والتركيب

تم شحن المعدات إلى المدينة المنورة تحت إشراف فريق من المهندسين والفنيين الذين أرسلهم أحمد باشا. بدأ العمل فورًا، حيث استغرق التركيب حوالي أربعة أشهر من الجهد المستمر. تم تجهيز المسجد بمولدات كهربائية وأنظمة إضاءة حديثة، مما استلزم تنسيقًا دقيقًا لضمان عدم تعطيل الصلاة أو الزيارة. خلال هذه الفترة، تحول الموقف من تحدٍ تقني إلى عملية تعاونية عكست التزامًا جماعيًا، ليصبح المسجد جاهزًا لاستقبال نور جديد يعزز من روحه.

الاحتفال بالإضاءة

عند اكتمال التركيب، أضيء المسجد النبوي الشريف بنظام كهربائي لأول مرة، مما أعطاه مظهرًا متألقًا ومريحًا للمصلين والزوار. أقامت المملكة العربية السعودية احتفالًا كبيرًا لتكريم هذا الإنجاز، حيث شارك أمير المدينة في الاحتفاء بأحمد باشا كرمز للعطاء. في العام التالي، عندما عاد لأداء الحج مرة أخرى، استقبله الحشد بحفاوة، مما يعكس تقدير الجميع لجهوده. هذا الإنجاز لم يكن مجرد تحسين مادي، بل أضاف بُعدًا روحيًا جديدًا لتجربة زيارة المسجد.

جائزة التقدير

بعد إنجازه، طلب أحمد باشا الدخول إلى مقصورة قبر الرسول ﷺ، لكن أمير المدينة أخبره أن الأمر يتطلب موافقة ملكية. فوجئ الجميع عندما صدر أمر ملكي خلال 24 ساعة فقط، مما سمح له ولمدير مكتبه بالدخول. رفض أحمد باشا الدخول فورًا، مؤكدًا أنه يحتاج وقتًا للاستعداد الروحي لهذه اللحظة المقدسة. هذا التواضع أضاف بعدًا إنسانيًا إلى قصته، مما جعلها تُروى كمثال للإيمان الحقيقي.

إرث أحمد باشا حمزة

ترك أحمد باشا حمزة إرثًا لا يُنسى، ليس فقط من خلال إنارة المسجد، بل من خلال دوره كرجل أعمال وراعٍ للثقافة الإسلامية من خلال إصدار مجلة "لواء الإسلام" عام 1947. توفي في مايو 1977، لكن ذكراه تستمر كمثال للتضحية والمحبة للدين. إنجازه يذكرنا بأهمية المساهمة في تعزيز المقدسات، مما يلهم الأجيال بأن الأعمال الصالحة يمكن أن تترك أثرًا دائمًا.

خاتمة: نور الإيمان يتجاوز الأزمنة

قصة أحمد باشا حمزة تُظهر كيف يمكن للإرادة الإنسانية أن تضيء الظلام، سواء كان ماديًا أو روحيًا. من خلال خطوته البسيطة لكن العميقة، حوّل المسجد النبوي إلى مصدر إلهام، وأثبت أن العمل الصالح يعود بأجر عظيم. فلنستلهم منه الشجاعة في خدمة ديننا، ونضع نور إيماننا نصب أعيننا لنكون جزءًا من تاريخ يخدم الإنسانية.



هل أعجبتك القصة؟ ❤️

اكتب رأيك في التعليقات، ولا تنسَ مشاركة القصة مع من تُحب، واشترك في قناتنا لمزيد من القصص 💬📢
🔔 اشترك الآن في القناة

💬 هل لديك رأي أو تعليق؟ شاركنا في التعليقات أدناه:

تعليقات

تعليقات